فن وثقافة

فاتن أمل حربي: هل الدراما تخدم قضايا المرأة حقاً؟

كثيرة هي الأعمال الفنية والدرامية العربية التي عالجت قضايا تتعلق بحقوق المرأة والظلم الذي يلحق بالنساء في نواح حياتية عدة، وذلك من منطلقات ومواقف متباينة.

فهدف بعض تلك الأعمال قد لا يتعدى تقديم قصة مؤثرة تجذب الجمهور، في حين قد تستخدم أعمال أخرى قضايا المرأة كوسيلة للتسويق والانتشار، مقابل سعي أخرى إلى تسليط الضوء على الواقع، وقد يكون ذلك بنفس نقدي إصلاحي، أو تصالحي وتوافقي.

لكن قلة فقط من الأعمال هي التي تقدم نفسها كمحاولة إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى إحداث تغيير حقيقي في المنظومة المجتمعية، يبدأ من القانون نفسه، وخصوصا مدونة الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية.

ومن هذه الأعمال مسلسل “فاتن أمل حربي” الذي عرض خلال الموسم الدرامي الرمضاني، وأثار الكثير من الجدل والنقاشات الساخنة خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.

فقد بُني محور المسلسل، ورُسم خطه الدرامي الرئيسي على أساس تصوير الغبن القانوني الذي يلحق بالمرأة المطلقة، وطالب بضرورة إجراء تعديلات أساسية على قوانين الأحوال الشخصية، لضمان مساواة النساء بالرجال أمام القانون، والحيلولة دون تعرضهن لأي إجحاف.

والمسلسل من تأليف الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، المعروف بطرحه مواضيع مثيرة للجدل، وإخراج محمد جمال العدل، وبطولة نيلي كريم وشريف سلامة وهالة صدقي وفادية عبد الغني ومحمد الشرنوبي ومحمد ثروت.

ويعالج المسلسل عدة قضايا تتعلق بالمرأة وما تواجهه بعد الطلاق، مثل قضايا الولاية التعليمية على الأطفال، والنفقة، وسقوط حقها في حضانة الأبناء في حال زواجها مرة أخرى، وهي معاناة لا تقتصر على المرأة في مصر، وإنما تنسحب على معظم الدول العربية، فهي مستمدة في الأساس من التشريع الإسلامي.

وكانت ردود الفعل على المسلسل متباينة للغاية، فقد أثار استقطابات شديدة بين فئات وشرائح فكرية وثقافية مختلفة.

ووصل الأمر إلى إصدار مركز الفتوى التابع للأزهر تعقيبا على المسلسل يؤكد فيه أنه يدعم “الابداع المُستنير الواعي”، لكنه يحذر من الاستهزاء بآيات القرآن وتشويه صورة رجل الدين.

وأمام حالة الإعجاب الشديد، مقابل العداء الأشد، والاستقطاب الحاد الذي أثاره المسلسل الذي نتخذه هنا كمثال، يبرز سؤال يطرح نفسه، وهو إلى أي مدى يمكن لهذا المسلسل، وللدراما بشكل عام أن تخدم قضايا المرأة، وتحدث تغييرا حقيقيا سواء في القانون أو المجتمع؟ وهل هناك احتمال بأن تفضي إلى نتيجة مغايرة للمطلوب بسبب عثرات ما؟

الدراما المؤثرة
ترى الدكتورة عزة كامل، مديرة مركز المرأة في مصر أن الدراما يمكن أن يكون لها دور فعلي في التغيير عندما يحسن استخدامها، وتقول “يمكن للدراما أن تخدم قضايا المرأة عندما تقدم بطريقة تؤثر في عقول وقلوب الناس”.

و”خصوصا اليوم في عصر السوشال ميديا الذي يسمح بمساحة كبيرة لإثارة الجدل حول الأعمال الدرامية، وتوظيف هذا الفضاء لخدمة قضايا النساء”، كما تضيف.

وتتابع الدكتورة عزة قائلة: “هناك أفلام أدت بالفعل بفضل تقديمها القضية بشكل مؤثر وواقعي إلى تغيير القوانين الجنائية مثل ‘أريد حلا’ و’جعلوني مجرما’ (عرض عام 1954 وهو من بطولة فريد شوقي)، ولكن شرط أن يكون العمل قادرا أيضا على مخاطبة المسؤولين والذين يملكون القرار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى